لا شك بأن الجميع قد سمع في مرة أو عدة مرات كلمة “نمطية“، إلا إننا وبالرغم من هذا نفعلها يوميًا، بل نمارسها
مئات المرات باليوم الواحد، النمطية وبما تحويه تعد جائحة يمكنها وبكل سهولة إبادة العالم أجمع.
ماذا تعني كلمة “نمطية”؟
النمطية هي انقياد وراء كل ما هو تقليدي، وبذكري لكلمة “تقليدي” هنا لا أعني بها أن أهاجم بديهيات وقيم وثوابت لا تقبل
المساس، بل القصد منها التقليد بحد ذاته…السير وراء القطيع بمعنى أصح، أن نتتبع ونقلد ما هو جاري ونحن مسحوبي
الإرادة عاجزين تمامًا عن التفكير بمنطقية.
النمطية تجعلنا أشخاصًا مسيرين، تجعلنا نتقبل الخطأ لمجرد إنه يُرتكب في الخفاء وإن ظهر للعلن فنكون أول المهاجمين له!
تجعلنا النمطية نسير وراء القطيع، ذاك القطيع الفاقد للإنسانية والإدراك، تدفعنا النمطية لأن نقلد أشخاصًا وفئات قادمين
من مجتمعات باهتة أخلاقيًا…أن نقلدهم ونتبعهم حتى تُطمس هويتنا وفكرنا…هذه هي النمطية.
هل تتنوع النمطية؟
للنطمية أشكال وأنواع عدة، -فحتى النمطية تختلف!ـ؛ فقد نجد النمطية متمثلة في أسلوب حياة شخص ما ويوم روتيني
مثله كمثل بقية الأيام، وقد تنتشر النمطية لتصبح أعم وأشمل من مجرد شخص، لتصيب المجتمع كله.
ومع هذا الاختلاف تظل النمطية واحدة بنتائجها وآثارها.
وللنمطية آثار عديدة؛ فهي تؤثر على الفرد والمجتمع كلًا سواء، فنرى تأثيرها على الأفراد واضح جلي، متمثل في خلق
أشخاصًا غير قادرين على التفكير والتفرقة بين الصواب والخطأ…أشخاصًا فقدوا عقولهم أو تخلوا عنها -أيهما أقرب-.
النمطية تخلق نسخًا مكررة من فكرة جوفاء، وتصدر الآلاف من هذه النسخ للمجتمعات؛ لتنتشر وتتعايش وتصدر نفس الفكرة
الجوفاء التي لا تضيف جديدًا؛ فيصبح المجتمع -معظمه- متشابه ولا يضيف جديد، فقد تقابل مئات الأشخاص باليوم الواحد
وتشعر من فرط تشابههم -فكريًا- أنك قابلت نسخًا مكررة لنفس الشخص.
النمطية تصيب المجتمع بالعمى والصمم الفكري، ومن كل هذا يمكنني إبلاغ صاحب مقولة “لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع”، إنه وبإتباعنا للنمطية ستبور سلع العالم أجمع.
لمحاربة النمطية، أبدأ بنفسك…تفرد أنت ولا تنتظر البقية، فقد يأخذ الآخرين سنوات في مجرد التفكير بينما قد تنجز أنت الأمر
برمته في بضع ساعات.
لنتخلص من النمطية يجب علينا إدراك إننا لسنا متشابهون…فكرنا مختلف…طبيعتنا مختلفة وكذلك أيضًا نظرتنا للأمور.
للتخلص من النمطية يجب علينا أن ندرك أن بعض الأفكار التي نؤمن بها قد تكون خاطئة، يجب علينا أن نفند الأفكار
والآراء قبل أن نسلم بها، للتخلص من النمطية يجب علينا إدراك إننا مختلفون، ويكمن في هذا الاختلاف منتهى الرحمة.
وفي النهاية يمكنني القول، أن النمطية هي فيروس يصيب المجتمعات بداء التشابه، هذه المجتمعات التي لم يعد بها
متسع لمزيد من النسخ المكررة، فإن كنت تريد أن تترك أثرًا في الحياة تفرد؛ ففي التفرد نجاة.
إرسال التعليق